الطعن في القرارات التحكيمية والجزاء الذي قد يتعرض له الأطراف

 الطعن  في القرارات التحكيمية والجزاء الذي قد يتعرض له الأطراف

إن الطعن في القرارات التحكيمية في المجال الاجتماعي يختلف عن الطعن في الأحكام القضائية وحتى القرارات التحكيمية في الميدان التجا ري لذا سأحاول أن أتناول في ) (أولا)  الطعن في القرارات التحكيمية على أن أتعرض في (ثانيا)للجزاءات التي قد يتعرض لها الأطراف.

أولا: الطعن في القرارات التحكيمية:

بداية نود أن نتساءل هل يمكن أصلا الطعن في القرارات التحكيمية التي يصدرها الحكم؟ وما هي الجهة المختصة بالنظر في تلك الطعون؟ وهل هناك مسطرة قانونية خاصة في هذا الشأن؟

فيما يخص الطعن في القرارات التحكيمية فإن الفصل 575 من مدونة الشغل نص صراحة على إمكانيته. أما الجهة القضائية المختصة في النظر في تلك الطعون فهي الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى (الفصل 575)  وبذلك فإن هذه الطعون لا تقدم أمام أية جهة قضائية أخرى، وما يمكن ملاحظته هنا هو أن الطعن في القرارات التحكيمية الصادرة في نزاعات الشغل الجماعية تتميز عن قرارات التحكيمية التي تتم في ميادين أخرى مثل التحكيم التجاري، حيث أن هذا النوع الأخير يمكن القول بشكل عام أنه لا يقبل الطعن بأية حالة طبقا لما هو وارد في المسطرة المدنية، كما أنه يصير قابلا للتنفيذ بأمر من رئيس محكمة الابتدائية التي صدر في دائرتها.

وهنا يمكننا أن نتساءل عن الطبيعة التي تنظر به الغرف الاجتماعية في الطعون المقدمة أمامها ضد قرار الحكم، هل تنظر فيها باعتبارها هيئة قضائية أم كغرفة تحكيمية؟ 

الواضح من النصوص القانونية ( الفصل 576 ) ومن الطبيعة الخاصة للتحكيم أن هذه الغرفة تنظر في الطعون المقدمة أمامها ضد القرارات التحكيمية كغرفة تحكيمية، أو كامتداد لمسطرة التحكيم التي انطلقت على يد الحكم، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الطعون التي تقدم أمام الغرفة التحكيمية المذكورة إنما تقدم للأسباب التالية:

1 - الشطط في استعمال السلطة.

2 - خرق القانون.

إن النصوص المتعلقة بالتحكيم الوارد في م.ش لم تنص على هذه الإمكانية مما يفرض علينا البحث عن موقف الفقه في هذه القضية، وأنا من وجهة نظري أعتقد بهذه الإمكانية، وذلك لطبيعة التحكيم الاختيارية. هذا فيما يتعلق بالجهة المختصة برفع الطعون أمامها فماذا عن المسطرة التي تتبع أمام الغرفة التحكيمية؟

الإجراءات أمام الغرفة التحكيمية :

يقوم الأطراف بتقديم طعونهم داخل أجل 15 يوما ابتداء من تاريخ تبليغهم أو توصلهم بالقرار المطعون فيه ويجب على الأطراف كذلك أن يقدموا طعونهم بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل إلى رئيس الغرفة (الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى)، وبالإضافة إلى ذلك يجب أن تتضمن طلبات الطعن أسباب الطعن، وأن تكون الرسالة المذكورة مرفقة بنسخة من القرار المطعون فيه (الفصل 577)، وبعد دراسة الطعن والبت فيه من قبل الغرفة التحكيمية تقوم هذه الأخيرة بإصدار قرارها في أجل أقصاه 30 يوما ابتداء من تاريخ رفع الطعن غليها ويجب أن يتم تبليغ القرار الصادر عن الغرفة التحكيمية على الأطراف داخل 24 ساعة من تاريخ صدوره (الفصل578 )، لكن ما هو الإجراء الذي تتخذه الغرفة في حالة نقض القرار التحكيمي كليا أو جزئيا؟ في هذا الصدد ينص الفصل 579 من م.ش على ما يلي "إذا قضت الغرفة التحكيمية بنقض القرار التحكيمي كله أو بعضه وجب عليها أن تحيل النازلة إلى حكم جديد يعين وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين 568 - 569 ." 

وهنا نتساءل عن الحالة التي يقدم فيها الأطراف مرة أخرى على الطعن في القرار الذي أصدره الحكم الجديد الذي عينته الغرفة التحكيمية فعندئذ ما العمل؟ لقد نص الفصل 580 على أنه "إذا قضت الغرفة التحكيمية بنقض القرار الجديد الصادر عن الحكم المطعون فيه أمامها مرة أخرى وجب عليها تعيين مقرر من بين أعضائها لإجراء بحث تكميلي وتصدر الغرفة التحكيمية في ظرف 30 يوما الموالية لصدور قرار النقض الثاني قرارا تحكيميا غير قابل لطعن".

كان ذلك فيما يتعلق بطرق الطعن في القرارات التحكيمية فما هي الجزاءات الأتي تترتب على عدم حضور الأطراف أو أحدهم أو الامتناع عن تقديم الوثائق المطلوبة؟

ثانيا: الجزاءات التي قد يتعرض لها الأطراف

كما سبق وأن أشرت فإنه على أطراف النزاع أن يتعاونوا مع الحكم المكلف بتسوية النزاع الجماعي القائم بينهم، وبالتالي فإنه يجب عليهم بعد استدعائهم الحضور شخصيا أمام الحكم أو الغرفة التحكيمية (الفصل 570 م.ش) وذلك في حالة إجراء بحث تكميلي، فإذا امتنع أحدهم عن الحضور دون أن يكون لديه عذر مقبول ودون أن ينيب عنه ممثلا قانونيا، فإن الحكم يقوم في هذه الحالة بتحرير تقرير في الموضوع يوجهه إلى وزير الشغل الذي يقوم بدوره بالإحالة على النيابة العامة (الفصل 583 م.ش)، ويلاحظ أن نفس الإجراء يطبق في حالة ما إذا امتنع أحد الأطراف عن تقديم الوثائق المشار إليها في الفصل 561 من م.ش طبقا للفصل 584 من م.ش، مثل المستندات أو المعلومات المفيدة في النزاع القائم، وتجدر الإشارة إلى أن المدونة قد حددت الجزاء المذكور في الفصل 585 من مدونة الشغل فنصت على أنه "يعاقب بغرامة تتراوح ما بين 10000 و 20000 درهم عن مخالفة مقتضيات المادتين 583 - 584 أعلاه " 1 .


 1- أحمد الكوري: مدونة الشغل الجديدة. القانون رقم 99 - 65 ، أحكام عقد الشغل، مطبعة الأمنية، الرباط. الطبعة الأولى. سنة 200 ص: 353 وما بعدها

إرسال تعليق

أحدث أقدم

إعلان أدسنس أول الموضوع

إعلان أدسنس أخر الموضوع