تأصيل حوادث الشغل

 


ينجم عن إنجاز الشغل العديد من المخاطر، ومن أهم هذه المخاطر نجد حوادث الشغل. وما يميز حوادث الشغل انها تقع فجأة وتبرز بصورة هذا ما استدعى تنظيمها قانونيا بالدرجة الأولى قبل نهاية القرن 19 . كانت حوادث الشغل قليلة وأقل خطورة، ويرجع ذلك إلى عدم استعمال الآلة والمواد الخطيرة بدرجة كبيرة، لهذا لم تكن الحماية الاجتماعية متطورة، إذ كان الأجير وعائلته يتحملان لوحدهما مخاطر الشغل، بالإضافة إلى مساعدة المحسنين وخصوصا المنتمين إلى نفس الحرفة بدافع التضامن وخصوصا في حالة الوفاة ومع نهاية القرن 19 ارتفعت وثيرة حوادث الشغل وتفاقمت خطورتها نتيجة استعمال الآلة ومعالجة المواد الخطيرة، الأمر الذي استدعى إيجاد حماية قانوني ة لمواجهة هذه المخاطر. وبالنسبة للمغرب فإنه قبل الحماية لم يكن هناك أي نص خاص بهذه المخاطر، لكن تجدر الإشارة إلى أن تعاليم الإسلام وما تتضمنه من تعاون وتكافل كانت هي المرجع الأساسي للحماية الاجتماعية على وجه الخصوص. أما في عهد الحماية فقد بدأت النصوص الحمائية الحديثة بالظهور على مراحل . في البداية لم تكن توجد إلا مقتضيات الفصل 750 ق ل ع وما بعده، حيث كانت مسؤولية المشغل لا تقوم إلا إذا استطاع الأجير إثبات الخطأ، وهو أمر كان عسير المنال . ومع نمو الصناعة بمجيء الآلة ومخاطرها رأى المشرع المغربي على غرار غيره في مختلف الدول ضرورة التدخل لحماية الأجراء المصابين بحوادث الشغل خاصة وان قواعد المسؤولية لم تعد تتفق وحالتهم في ظروف الإنتاج الكبير والآلات الضخمة والمعقدة التصنيع التي أصبحت تشكل خطرا مباشرا على سلامتهم وحياتهم ,خصوصا مع تعذر إثبات مصدر الإصابة و سببها ووعيا من المشرع أيضا بأهمية مجال حوادث الشغل ,تدخل واصدر في 25 يونيو 1927 ظهيرا خاصا بحوادث الشغل ,ثم اصدر بعد دالك الظهير الشريف في 31 مايو 1943 الذي يمدد الظهير السابق إلى الأمراض المهنية ثم بعده اصدر الظهير الشريف في 25 أكتوبر 1947 ليمدد الحماية القانونية أيضا إلى الحوادث التي تقع للأجير في طريق العمل و دلك وفقا لشروط معينة. و الظهير الشريف الصادر في 6 فبراير 1963 لذي غير بمقتضاه من حيث الشكل الظهير السابق بشان التعويض عن الأضرار الناجمة عن حوادث الشغل لكونها لم يعودا ملبيين للمستجدات لتطوير مفهوم الحماية الاجتماعية في مجال حوادث الشغل.

 أما الظهير رقم 179 / 02 الصادر بتاريخ 23 يوليو 2002 جاء اقتناعا من المشرع بضرورة مبدأ إجبارية التامين و الرفع من التعويض و كيفية احتساب الإيراد. و دراسة هذا الموضوع تكتسي أهمية بالغة، سواء على المستوى النظري من خلال التعرف على المقصود بحادثة شغل والتعرف عن القانون المنظم لها، أو العملي من خلال معرفة مدى مسايرة التشريع الحالي للواقع العملي.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

إعلان أدسنس أول الموضوع

إعلان أدسنس أخر الموضوع