في إطار المنظمة الأساسية النقابية في فرنسا و هي الكونفدرالية العامة للشغل، تم تأسيس سنة 1930أول فرع بالمغرب لهذه المنظمة ضم في بدايته ثماني نقابات تنتمي أغلبيتها إلى قطاع الوظيفة العمومية و قطاعات أخرى كالقطاع الخاص صناعة التغذية, الموانئ, الخ.
إن النقابات في المغرب حديثة العهد، إذ كان أول تشريع يتعلق بشأن النقابات المهنية صدر، هو ظهير 24 دجنبر 1936، إلا أن هذا الظهير لم يكن يعترف للأجراء المغاربة بالحق النقابي، بحيث كان هذا الظهير محدود النطاق على الصعيد المغربي، نظرا لكونه ينص على أن النقابات لا تنشأ إلا بين الأوروبيين، وقد جاءت المادة الثالثة من هذا الظهير على ضرورة تشكيل المكاتب النقابية من الفرنسيين وحدهم، مقلدا بذلك القانون الفرنسي لسنة 1884، عكس ما كان ينص عليه القانون التونسي لسنة 1932 في البندين الاول والسادس، على أن النقابات بإمكانها أن تؤسس بدون ترخيص من الحكومة، وبأن أعضاء المكتب يجب أن يكونوا فرنسيين أو تونسيين..
إن منح الحق النقابي للأوروبيين ومنعه على المغاربة نتيجة التخوف من أن تأخذ الشغيلة بيد المغاربة للدفاع عن مصالحهم وأن ينخرطوا في النضال الوطني. وبالرغم من النضالات الاجتماعية القوية التي عرفتها سنوات 1936 و1937 و1938 من احتجاجات واحتلال مقرات العمل وإضرابات ناجحة، والتي أدت إلى تحقيق بعض المكاسب، وأمام تزايد انخراط القوي للمغاربة في الكونفدرالية العامة للشغل C.G.T اتحاد النقابات الكونفيدرالية للمغرب سنة 1937، الشيء الذي مكنها من أن تصبح ذات قدرة تفاوضية كبرى، كما أن هذه السنة عرفت إنشاء منظمة نقابية خاصة ولكنها خارج القانون_، وفي نفس الوقت ارتفعت وتيرة المنع من ممارسة الحق النقابي الذي أدى إلى صدور ظهير 24 يونيو 1938(جاء كتكملة لظهير 24 دجنبر 1936) الذي نص على عقوبات زجرية، إذ عمل هذا الظهير على "تجريم العمل النقابي" و الذي يتجلى في إقرار عقوبة حبسية تتراوح من خمسة أيام إلى ثلاثة أشهر وغرامة مالية من 5 إلى 300 فرنك، يعاقب بها كل من المغاربة الذين سينخرطون في نقابة ما، أو أي شخص يعمل على انخراط المغاربة في نقابة ما (المادة 1و2 من الظهير(.
إلا أن هذا المنع لم يستمر أمام صمود وتزايد وتواصل انخراطات المغاربة في العمل النقابي، حيث عرفت سنة 1943 تأسس الاتحاد العام للنقابات الموحدة بالمغرب U.G.S.C.
وقد كانت نضالات الطبقة العاملة المغربية في هذه السنوات مضطرة أن تعمل في الخفاء في إطار الحركات الوطنية والتي انبثقت سنة 1944، ظل النقابيون المغاربة يدافعون عن الأفكار الوطنية وكانوا السباقين بالمناداة بالاستقلال.
وفي 20 يونيو 1950 صدر الظهير الذي ألغى ظهير 1938، إلا أن هذا الظهير لم يقر صراحة حق الانتماء النقابي للمغاربة، بل عبر عن"التسامح" وغض الطرف.
وتعتبر نهاية سنة 1955 محطة أساسية في تاريخ الحركة النقابية المغربية، حيث عرف 20 مارس 1955 تأسيس أول مركزية نقابية عمالية مغربية مستقلة وهي الاتحاد المغربي للشغل UMT ، بدعم كبير من حزب الاستقلال. وجاء الرد التشريعي بصدور ظهير 12 شتنبر 1955 الذي غير ظهير 1936 ونص صراحة على أن التمتع بالحق النقابي يسري أيضا على المغاربة.