أطراف نزاعات الشغل الجماعية

 

ليكون النزاع جماعيا يظهر أنه يلزم تعدد الأشخاص المعنيين به، ومن هنا يمكن اعتبار النزاع الجماعي هو ذلك النزاع الذي يقوم بين مجموعة من أرباب العمل إلا أنه ما يمكن ملاحظته هنا أن رب العمل الذي قد يكون شخصا طبيعيا أو معنويا يمثل في حد ذاته وحدة قانونية وقوة اقتصادية قادرة على تعويض مجموعة.
ومن ثم فقد أجمع الفقه والتشريع على أن رب العمل المنفرد يمكن أن يكون طرفا في النزاع الجماعي.ومن ذلك فإن التعدد المطلوب ليكون النزاع جماعيا هو في الجانب العمالي، ومن ثم فلكي يكون النزاع جماعيا لابد أن يكون أحد أطرافه تجمعا عماليا.
فإذا قلنا بأن أحد أطراف النزاع الجماعي تجمع عمالي فإنه يجب التساؤل حول هل من الواجب أن يكون هذا التجمع منظما من الناحية القانونية )كنقابة مثلا(-أم يكفي أن يكون تجمعا واقعيا لا تنظيم سابق بين أفراده أن الواقع والحقيقة تفرض أخذ التجمع الواقعي في الاعتبار ولو لم يكن له أي تنظيم قانوني لكن الشرط الوحيد الذي يظهر أنه مطلوب هو أن تكون للجماعة بعض الأهمية أي مركبة من حد أدنى من الأعضاء أو تمثل نصابا معينا. ومن هنا يمكن أن نأخذ معيارين لتحديد الصفة الجماعية للطرف العمالي في النزاع هما المعيار العضوي والمعيار الكمي.1
1: المعيار العضوي
وهو المعيار الذي يعطي تعريفا جد بسيط للنزاع الجماعي باعتبار أن النزاع يكون جماعيا عندما يكون أحد طرفيه جماعة عمالية منظمة قانونيا أي نقابة عمالية. بل إن بعض الفقه ذهب إلى أبعد من ذلك واعتبر أن النزاع لا يعتبر جماعيا إلا إذا كانت النقابة الداخلة في النزاع هي أهم الممثلين للجانب العمالي أي النقابة الأكثر تمثيلا.
والذي يدعوا البعض إلى التأكيد على هذا الجانب العضوي هو كون النقابة تامة التنظيم وتتصف بالديمومة ومهمتها تتمثل في الدفاع عن المصالح المهنية للعمال .مما جعل لها القدرة على تحديد المصالح العمالية الجماعية والدفاع عنها بصفة أكثر فعالية وأكثر جدية مما لدى الأفراد.
ومن ثم فإن النقابة تظهر كتنظيم قابل لتحمل المسؤولية وقادر على إبرام الاتفاقيات الجماعية وعلى احترام وتطبيق قرارات هيئة التسوية،وعند الضرورة تحمل المسؤوليات الناتجة عن ذلك. إن بساطة هذا المعيار وتبريراته جعلت بعض الفقه يفضله وبعض التشريع يعتمده ويشترط في الطرف العمالي أن يكون منظما في شكل نقابة .لكن الأخذ بهذا المعيار يعني أن النزاع الجماعي لا يعتبر مشروعا إلا إذا أثير وسير من قبل منظمة نقابية وبالتالي فإن الحركات المطلبية لا تكون مشروعة إلا إذا قدمت من قبل تنظيم نقابي. ومن هنا فإن غياب التنظيم النقابي أو حضوره لا يمكن أن يؤخذ كمعيار للنزاع الجماعي لذلك نبحث في المعيار الكمي لنرى مدى قدرته في تحديد أطراف النزاع .
2: المعيار الكمي
إن المعيار الكمي يسمح بالتمييز بين النزاع الجماعي والنزاع الفردي للشغل عن طريق تحديده لحد أدنى من الأفراد، أو عن طريق تحديده لنصاب معين إذا توفر أو زاد اعتبر النزاع جماعيا، وإن لم يتوفر كان النزاع فرديا. ويمتاز هذا المعيار بالدقة والبساطة مادام أنه يستند إلى تحديد عددي وهذا ما جعل عدد من التشريعات تعتمده للتغلب على صعوبة التمييز بين النزاعات الجماعية والنزاعات الفردية والتي من بينها المشرع الليبي والغيني....
المادة 257 من ق الشغل الغيني. "النزاع الجماعي هو كل نزاع بين رب العمل و 10 من عماله أو مستخدميه العمال" ¼ على الأقل. على أن يشمل هذا النزاع لكن هذا المعيار إذا كان دقيقا وبسيطا فإنه لا يقدم عونا من الناحية العملية للتمييز بين نزاع الشغل الجماعي والفردي. وبالتالي لم تأخذ به جل التشريعات بل اهتمت بموضوع النزاع أكثر مما اهتمت بعدد العمال المشاركين فيه.3


الهوامش
1- علي الصقلي- نزاعات الشغل الجماعية وطرق تسويتها السلمية في القانون المغربي والمقارن: أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص كلية الحقوق فاس 1988–1989 ص102
2- في المكسيك لا يمكن اثارة النزاع الجماعي إلا بمبادرة من نقابة تمثل العمال المعنيين ولا تستثني من ذلك إلا الحالة التي يطالب فيها بتطبيق اتفاقية جماعية
3- علي الصقلي المرجع السابق ص 105.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

إعلان أدسنس أول الموضوع

إعلان أدسنس أخر الموضوع