مهام مندوب الأجراء

اناط المشرع المغربي لمندوب الأجراء عدة مهام لممارستها حماية للأجير، الطرف الأضعف في علاقة الشغل، فمدونة الشغل جاءت بمجموعة من المقتضيات المؤطرة لمهام مندوب الأجراء، حيث منحتهم مجموعة من الصلاحيات الأوسع.

وسنتطرق من خلال هذا المقال الى تقديم الشكايات الفردية للأجراء إلى المشغل أولا، وثانيا إبداء الرأي والاستشارة وثالثا المشاركة في عضوية بعض أجهزة المقاولة.

أولا : تقديم الشكايات الفردية للأجراء إلى المشغل

نصت المادة 432[1] من مدونة الشغل، على "تتمثل مهمة مندوبي الأجراء في:

- تقديم جميع الشكايات الفردية، المتعلقة بظروف الشغل الناتجة عن تطبيق تشريع الشغل أو عقد الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي، إلى المشغل، إذا لم تقع الاستجابة لها مباشرة؛- إحالة تلك الشكايات إلى العون المكلف بتفتيش الشغل، إذا استمر الخلاف بشأنها".

يلاحظ بعد القراءة الأولية لهذه المادة أن مندوبي الأجراء يمكنهم تقديم شكاية إلى المشغل في حالة عدم الاستجابة للشكاية المباشرة المقدمة من قبل الأجير المتضرر، أما في حالة رفض المشغل قبول الشكاية المقدمة من قبل المندوب تحال هذه الأخيرة من طرف المندوب إلى العون المكلف بالشغل إذا استمر الخلاف بشأنها حسب مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 432 من مدونة الشغل.

وينبغي على المندوب اتباع المسطرة المنصوص عليها في المادة 461 من مدونة الشغل التي تنص على: "يسلم مندوبو الأجراء للمشغل، قبل تاريخ الاستقبال بيومين، ما عدا في ظروف استثنائية، مذكرة كتابية، تتضمن بإيجاز، موضوع شكاية الأجير أو الأجراء. وعلى المشغل أن يدون نسخة منها في سجل خاص، يجب أن يسجل فيه أيضا جوابه عن المذكرة، في أجل لا ينبغي أن يتجاوز ستة أيام.

يجب أن يوضع السجل المذكور رهن إشارة من يريد الاطلاع عليه من أجراء المؤسسة طيلة يوم واحد من أيام الشغل، عن كل خمسة عشر يوما، وخارج ساعات الشغل، ورهن إشارة العون المكلف بتفتيش الشغل".

وحسب هذه المادة، يمكن القول إن المندوب ينبغي عليه تقديم مذكرة كتابية إلى المشغل قبل التاريخ المحدد لاستقبالهم تتضمن بإيجاز موضوع شكاية الأجير أو الأجراء. أما المشغل فينبغي عليه تدوين نسخة من المذكرة في سجل خاص وتدوين جواب فيه داخل ستة أيام. ووضع السجل رهن من يريد الاطلاع عليه من أجراء المؤسسة والعون المكلف بتفتيش الشغل[2].

ثانيا : إبداء الرأي والاستشارة

لم تقتصر مهام مندوبي الأجراء في ظل مدونة الشغل على تقديم شكايات الأجراء إلى المشغل، وإنما تعدت ذلك إلى إبداء الرأي والاستشارة في عديد المجالات لا سيما تلك المرتبطة بسير المقاولة.

  1.        الاستشارة عند الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية

يعتبر الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية من بين المسائل التي ألزم فيها المشرع الاستشارة بشأنها مع مندوبي الأجراء، حيث تنص المادة 66 من مدونة الشغل على: "يجب على المشغل في المقاولات التجارية، أو الصناعية، أو في الاستغلالات الفلاحية أو الغابوية وتوابعها، أو في مقاولات الصناعة التقليدية الذي يشغل اعتياديا عشرة أجراء أو أكثر، والذي يعتزم فصل الأجراء، كلا أو بعضا، لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها، أو لأسباب اقتصادية، أن يبلغ ذلك لمندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم قبل شهر واحد على الأقل من تاريخ الشروع في مسطرة الفصل، وأن يزودهم في نفس الوقت بالمعلومات الضرورية التي لها علاقة بالموضوع، بما فيها أسباب الفصل، وعدد وفئات الأجراء المعنيين، والفترة التي يعتزم فيها الشروع في الفصل.

ويجب عليه أيضا استشارتهم، والتفاوض معهم من أجل تدارس الإجراءات التي من شأنها أن تحول دون الفصل، أو تخفف من آثاره السلبية، بما فيها إمكانية إعادة الإدماج في مناصب شغل أخرى.

تحل لجنة المقاولة محل مندوبي الأجراء في المقاولات التي يزيد عدد الأجراء بها عن خمسين أجيرا.

تحرر إدارة المقاولة محضرا تدون فيه نتائج المشاورات والمفاوضات المذكورة يوقعه الطرفان، وتسلم نسخة منه لمندوبي الأجراء، وتوجه نسخة أخرى إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل".

وقد أوجبت نفس المادة على المشعل أن يزود مندوبي الأجراء بالمعلومات الضرورية التي لها علاقة بهذا الفصل، بما فيها الأسباب وعدد وفئات الأجراء المعنيين الفترة التي يعتزم فيها الشروع في الفصل.

علاوة على ذلك ينبغي على المشغل استشارة مندوبي الأجراء والتفاوض معهم لتدارس الإجراءات التي من شأنها أن تحول دون الفصل أو أن تخفض من العدد، بما فيها إمكانية إعادة الإدماج في مناصب أخرى[1].

2.    الاستشارة عند وضع أو تعديل النظام الداخلي

يجب على كل مشغل يشغل اعتياديا ما لا يقل عن عشرة أجراء أن يضع نظاما داخليا لمقاولته خلال السنتين المواليتين لفتح المقاولة بعد اطلاع مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عليه. ونفس الأمر عند إدخال تعديلات عليه[2].

3.    الاستشارة عند التقليص من مدة الشغل العادية

يمكن للمشغل توزيع المدة السنوية الإجمالية للشغل على السنة حسب حاجيات المقاولة شريطة ألا تتجاوز مدة العمل العادية عشر ساعات في اليوم، بعد استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم، وقاية من الأزمات الدورية العابرة.

يمكن للمشغل التقليص من مدة الشغل العادية لفترة متصلة أو منفصلة لا تتجاوز ستين يوما في السنة بعد استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم وذلك عند حدوث أزمة اقتصادية عابرة لمقاولته أو لظروف طارئة خارجة عن إرادته[3].

ثالثا : المشاركة في عضوية بعض أجهزة المقاولة

ضمنت مدونة الشغل لمندوبي الأجراء مشاركة واسعة في حياة المقاولة لم يكن يتمتع بها من خلال ظهير 1962 الملغى. حيث أصبح مندوبو الأجراء أعضاء في لجنة السلامة وحفظ الصحة ولجنة المقاولة.

1.    لجنة السلامة وحفظ الصحة

تحدث، حسب مدونة الشغل، لجان السلامة وحفظ الصحة لدى المقاولات الصناعية والتجارية ومقاولات الصناعة التقليدية والاستغلالات الفلاحية والغابوية وتوابعها، والتي يشتغل فيها خمسون أجيرا على الأقل[3].

وتدعيما لدور مندوبي الأجراء داخل المقاولة، جعلت المدونة منهم أعضاء في لجنة السلامة وحفظ الصحة. حيث تنص المادة 337 من مدونة الشغل على أن لجنة السلامة وحفظ الصحة تضم مندوبين اثنين للأجراء يتم انتخابهما من قبل المندوبين المنتخبين.

2.    لجنة المقاولة

أحدث المشرع لجنة استشارية تسمى "لجنة المقاولة" في كل مقاولة تشغل اعتياديا خمسين أجيرا على الأقل[4]. وحسب المادة 466 من مدونة الشغل، يعهد إليها في إطار المهام الاستشارية الموكولة إليها: "-التغييرات الهيكلية والتكنولوجية للمقاولة؛- الحصيلة الاجتماعية للمقاولة عند إقرارها؛- الاستراتيجية الإنتاجية للمقاولة ووسائل رفع المردودية؛- وضع مشاريع اجتماعية لفائدة الأجراء والسهر على تنفيذها؛- برنامج التدرج والتدريب من أجل الإدماج المهني ومحو الأمية والتكوين المستمر للأجراء.

يتم تزويد أعضاء لجنة المقاولة بكل البيانات والوثائق الضرورية لتمكينهم من القيام بالمهام الموكولة إليهم".

وتتكون تتكون لجنة المقاولة من مندوبين اثنين للأجراء يتم انتخابهما من قبل المندوبين المنتخبين[5].



[1] المادة 336 من مدونة الشغل.

[2] المادة 464 من مدونة الشغل.

[3] المادة 465 من مدونة الشغل.

[4] نفس المرجع السابق.

 [5] المادة 138 من مدونة الشغل: يجب على كل مشغل، يشغل اعتياديا ما لا يقل عن عشرة أجراء، أن يضع خلال السنتين المواليتين لفتح المقاولة أو المؤسسة، نظاما داخليا، بعد اطلاع مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم، عليه، وأن يوجهه إلى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل من أجل الموافقة عليه.

يخضع كل تعديل للنظام الداخلي، لشكليات الاستشارة والموافقة المنصوص عليها في الفقرة السابقة.

[3] المادة 185 من مدونة الشغل:

يمكن للمشغل، للوقاية من الأزمات الدورية العابرة وبعد استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم، توزيع المدة السنوية الإجمالية للشغل على السنة حسب حاجيات المقاولة شريطة ألا تتجاوز مدة العمل العادية عشر ساعات في اليوم.

لا يترتب عن هذا الإجراء أي تخفيض من الأجر الشهري ويمكن للمشغل، بعد استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم، أن يقلص من مدة الشغل العادية ولفترة متصلة أو منفصلة لا تتجاوز ستين يوما في السنة، وذلك عند حدوث أزمة اقتصادية عابرة لمقاولته أو لظروف طارئة خارجة عن إرادته.

يؤدى الأجر عن مدة الشغل الفعلية على ألا يقل في جميع الحالات عن 50 % من الأجر العادي ما لم تكن هناك مقتضيات أكثر فائدة للأجراء.

إذا كان التقليص من مدة الشغل العادية تزيد مدته عن الفترة المحددة في الفقرة الأولى أعلاه، وجب الاتفاق بين المشغل ومندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم حول الفترة التي سيستغرقها هذا التقليص.

وفي حالة عدم التوصل إلى أي اتفاق، لا يسمح بالتقليص من مدة الشغل العادية إلا بإذن يسلمه عامل العمالة أو الإقليم طبقا للمسطرة المحددة في المادة 67 أعلاه.

[1] عرض: "مؤسسة مندوبو الأجراء"، مجموعة من طلبة ماستر قانون الأعمال، تحت إشراف د. وفاء جوهر، السنة الجامعية 2016-2017.


.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

إعلان أدسنس أول الموضوع

إعلان أدسنس أخر الموضوع